دبي تخطط لتزويد رجال الإطفاء بأجهزة طيران محمولة
الأجهزة الطائرة بقوة المياه، كهذا الجهاز، تبدو مفيدة في مكافحة الحرائق، لكنها قد لا تكون ذات فعالية كبيرة.
تخطط دبي لتزويد رجال الإطفاء بجهاز محمول على الظهر يمكنهم من الطيران. ويساعد هذا الجهاز من يرتديه فوق ظهره على الانطلاق في الهواء بفعل قوة ما يندفع من الجهاز من غاز (أو ماء في بعض الأحيان). فهل ستكون هذه فكرة جيدة أو آمنة؟
لفترة طويلة من الزمن، كان جهاز الطيران المحمول على الظهر، (أو كما يسميه البعض الـ "جيتباكس"، أو السترة الطائرة)، يعد أكثر فكرة يمكن تخيلها في عالم النقل والمواصلات الشخصية في المستقبل.
حتى أن مثل هذه الأجهزة ظهرت في أفلام جيمس بوند. لكن السنوات القليلة الماضية شهدت اهتماما متزايداً بتحويل هذه الأجهزة إلى واقع.
وقد يكون رجال الإطفاء في دبي من أول من يحصلون عليها كجزء من المعدات التي تستخدم في مكافحة الحرائق أو غيرها من أعمال الانقاذ التي يقوم بها الدفاع المدني.
أول شيء ينبغي ملاحظته هو أن تلك السترة المقترحة التي تمكننا من الطيران لن تعمل عن طريق إطلاق الغازات لكي تحلق في الجو. بدلاً من ذلك، سيكون لديها أجنحة طائرة هليكوبتر دوارة مثبتة داخل أماكن خاصة فيها. وبإمكان توجيه الدفات أسفل هذه الأجنحة للتحكم في اندفاع الهواء، وبالتالي ضبط الحركة أثناء الطيران.
لكن لماذا ترغب دبي في تزويد رجال الإطفاء لديها بهذه المعدات؟ وهل هي فكرة جيدة؟
تبلغ قيمة العقد الموقع بين قوات الدفاع المدني التابعة لدبي وبين شركة "مارتن جيتباكس" ملايين الدولارات، دون أن يعلن عن الرقم الحقيقي للصفقة.
وتقضي الصفقة بتزويد دبي بما مجموعه 20 سترة طائرة بإمكانها التحليق بسرعة 72 كيلومترا في الساعة، وعلى ارتفاع ألف قدم (330 متر).
وسوف يتم استخدامها في مهمات البحث والإنقاذ من قبل رجال الدفاع المدني، والبحث عن أحياء في البنايات الشاهقة التي تشب فيها الحرائق.
كانت فكرة وجود رجال إطفاء يطيرون قد ظهرت على طابع بريد فرنسي صُمم عام 1910، لكن وجود الفكرة على أرض الواقع لم يظهر إلا في الفترة الأخيرة
.تمتاز دبي بناطحات السحاب والمباني الشاهقة
ويستخدم رجال الإطفاء في مانشستر في إنجلترا طائرات بدون طيار لالتقاط صور للحريق حتى يتمكن رجال الإطفاء على الأرض من تحديد المكان الأفضل الذي يوجهون إليه خراطيم المياه.
لكن إطلاق البشر في الجو لإلقاء نظرة على الحرائق مثلا يعد لعبة من نوع آخر. فطبقاً للكاتب جيم كرين من جامعة رايس ومؤلف كتاب (دبي: أسرع مدن العالم)، ليس مفاجئاً أن يفكر القائمون على المدينة في هذه الطريقة لإخماد الحرائق التي تنشب في المباني.
يضيف كرين: "لديهم حاجة إلى ذلك، فهم لا يملكون قدرة على مكافحة الحرائق في المباني الشاهقة، والقيام بعمليات الإنقاذ في الأماكن المرتفعة. هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لهم".
ويضيف كرين أن عام 2007 شهد نشوب حريق مدمر في أحد المباني الشاهقة قيد الإنشاء. وقد سقط أحد العمال ولقي حتفه بينما توفي آخر في الداخل، بينما حاصرت النيران عدداً آخر قبل أن يتم إنقاذهم.
ويمضي قائلاً: "كانوا عالقين على الحواف الخارجية الضيقة للمبنى، والتي كانت تشتعل لأنهم لم يتمكنوا من الهرب، ولم يتمكن رجال الإطفاء من فعل شيء لإخماد الحريق".
ويقول كرين إنه ينبغي علينا أن نرى ما إذا كان امتلاك رجال الإطفاء لهذه السترات الطائرة من بين أدواتهم من وسائل مكافحة الحرائق سيساعدهم بالفعل على التعامل مع الحرائق الخطيرة. في كل الأحوال، هذه الفكرة تنسجم مع صورة دبي كمدينة تقوم على الابتكار.
ويواصل كرين شارحاً: "هذا هو أسلوبهم، إنهم يحبون أن يكونوا السباقين في كل شيء. إذا كان هناك شيء ما يبدو غير عقلاني وتحتاج لمكان تختبره أو تسوقه فيه، فدبي هي الوجهة المناسبة لذلك".
وليست أجهزة الطيران المحمولة هذه التي تصنعها شركة مارتن جيتباكس وحدها التي تسترعي انتباه المشترين، لكن هناك أيضاً أجهزة تحمل اسم "جيتباك" والتي تصنعها شركة "جيتباك أفييشن" الاسترالية والتي جعلت أحد هذه الأجهزة يحلق حديثاً حول تمثال الحرية أثناء أحد العروض.
حلق ديفيد مايمان بجهاز "جي-بي 9" والذي كان من القوة ليحلق على ارتفاع آلاف الأقدام حول تمثال الحرية
وبالعودة إلى دبي، هناك أيضاً الجناحان المزودان بجهاز تحليق واللذان احتلا عناوين الأخبار في الآونة الأخيرة بعد أن ساعدا الفرنسي يوف روسي على التحليق إلى جانب طائرة إير باص ضخمة.
لا تزال أجهزة الطيران الشخصية المحمولة على الظهر تنتمي إلى المستقبل لدرجة أن عدداً من سلطات الطيران لم تفكر في استعمالها بعد. هيئة الطيران المدني البريطانية مثال على ذلك.
يقول متحدث باسم تلك الهيئة: "أجهزة الجيتباكس ليست من بين الأشياء التي عُرض علينا التفكير فيها. لكن أي شيء يحلق في الغلاف الجوي يخضع لما يعرف بقواعد الجو، وهذا يشمل أشياء كالطائرات الشراعية، وهواة الطيران الشراعي".
لكن من المهم الإشارة إلى أن الكيفية التي يمكن بها تفسير هذه القواعد فيما يتعلق بأجهزة الجيتباكس مازالت غير واضحة بعد سواء في المملكة المتحدة أو في دول الاتحاد الأوروبي بشكل عام.
يقول متحدث باسم رابطة رجال الإطفاء في بريطانيا: "في الوقت الذي لا نرى فيه دخول أجهزة الجيتباكس إلى قائمة الوسائل التي نستخدمها في مكافحة الحرائق في المملكة المتحدة، إلا أنه سيكون من المثير أن نرى كيف يتم استخدامها، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار المباني الشاهقة في دبي والمشاكل التي يمكن أن يواجهها رجال الإطفاء في التعامل مع الحالات الطارئة".
إن عدم وضوح مستقبل استخدام أجهزة الجيتباكس مشابه تماما لعدم وضوح ما ينتظر استخدام الطائرات بدون طيار، لكن هذه المشكلة يجري التعامل معها بسبب الإقبال الشديد على استخدامها. وبينما لا تعتبر السماء حدوداً للطموح، يبدو أن الوقت قد حان لكي نتعامل بجدية أكثر مع محركات الجيتباكس.
المصدر: BBC Future.