كتب : أحمد الشوبكي
أحمد الشوبكي |
استيقظ آدم من نومه مفزوعـًا ليجد نفسه ملقيـًا
على الأرض مرتديـًا ملابس سوداء غريبة الشكل والحجم والتصميم، تلفت يمينـًا
ويسارًا ليكتشف أنه لا يعرف أين هو وماذا أتى به إلى هنا وما هذه الملابس الغريبة
التي يرتديها؟
إنه قابع في منزل خشبي متهالك لا يوجد بداخله
سوى مرايا قديمة متسخة تعلوها الأتربة وبعض الأثاث المتهالك. أخذ آدم يتلفت
في رعب حوله في محاولة منه لإيجاد مخرج من هذا المنزل المرعب ذهب يمينا كالمجنون
ثم يسارًا...لا يوجد شيء إلا مرايا فقط و...
- يا إلهي!!
هكذا صاحَ متراجعـًا خطوتين إلى الخلفِ بعد أن
نظر إلى مرآة احتلت حائطـًا كاملاً. اكتشف آدم أن المرآة تعكس كل شيء بالمنزل إلا
صورته، فقد وقف أمام المرآة مباشرةً يلوح بيده ويمسح الأتربة ليتأكد أن المرآة لا
تعكس صورته، تركها وذهب إلى أخرى ليجد نفس النتيجة...غير موجود بالمرآة الثانية
ولا أية مرآة أخرى.
- أين أنا يا إلهي...أين أنا؟؟!
زائر من الماضي قصة قصيرة |
دار آدم بالمنزل القديم باحثـًا عن مخرج،
وأخيرًا وجد مقبضًا حديديًا وسط المرايا الغريبة. اتجه مسرعـًا نحو المقبض وأمسك
به محاولاً فتحه. لم تنجح محاولته الأولى فحاول مرةً أخرى وأخيرًا فتح باب كبير،
وما أن فتح آدم الباب حتى هرول مسرعـًا خارجه ليجد نفسه داخل غابة كثيفة الأشجار
بنية اللون متشابكة الأغصان تحيط بالمنزل من جميع الجهات أخد يصرخ قائلاً:
- أين أنا يا إلهى أين
أناااااااااا؟!!!!!!!!!!!!!
دار آدم حول المنزل ليجد نفس المنظر ونفس الأشجار...نفس
اللون البني الداكن الذي يبعث الرعب في قلبه ووجدانه، أخذ يصرخ ويبكي...وفجأة ودون
أية مقدمات اشتعلت النيران في جانب من الغابة وأخذت ألسنة اللهب تتصاعد وتلتهم
الأشجار متجهةً نحوه .
رَكَضَ آدمُ عكس اتجاه النيران محاولاً إيجاد
مخرج من بين الأشجار الكثيفة، فظهر أمامه طريقـًا وحيدًا بين الأشجار، أخذ يهرول
والنيران تزداد وكأنها تلاحقه. مرت دقائق على آدم وكأنها سنوات حتى وجد نفسه خارج
الغابة وسط ميدان مكتظ بالبشر.
تنفس آدم الصعداء عندما وجد الناسَ من حوله
ونظر خلفه فلم يجد شيئـًا، لا وجود للغابة ولا النيران وكأن شيئـًا لم يكن. وما
كاد يعبر شارعـًا كبيرًا وسط زحام العابرين حتى رأى وجهـًا مألوفـًا لامرأة،
اندفعت الذكريات لعقله بسرعة غريبة وسأل نفسه:
- هل هذه ’نور‘؟ يا إلهي كم مرَّ من
الوقتِ ولم أرَها؟!!!
كادت أن تغيب من أمامه وهو متوقف مكانه غير
مصدق عيناه ولم يجد نفسه إلا راكضـًا وسط الزحام هاتفـًا:
- أنا آدم يا نور!
توقفت نور فجأةً وكأنها سمعت هتاف آدم وأخذت
تتلفت يمينـًا ويسارًا حتى وجدته أمامها مباشرةً. نَظَرَ كل منهما إلى الآخرِ حتى
قالت نور:
- لماذا تأخرت؟
رد آدم ولم يرفع عينه عن وجهها:
- أبلغوني أنكِ فارقتي
الحياة وعِشتُ سنوات مظلمة لا أمل لي في شيء، ولكن أنتِ الآن أمامي على قيد
الحياة...وها هو الأملُ يعودُ من جديد...وها هي الشمسُ تعودُ لتشرق ...
قاطعته نور سائلة برصانتها المعهودة:
- هل يمكنني مصارحتك بشيء؟
تغير لون آدم فور سماعه هذا السؤال:
- بالتأكيد !!
صمتت نور برهةً قبل أن تقول:
زائر من الماضي قصة قصيرة |
- أنا فارقت الحياة بالفعل منذ سبع
سنوات...وأنت فارقتها اليوم!
" مرحبا بك في العالم الآخر"