تطور الصواريخ الروسية عبر التاريخ ، منذ أن كانت تشبه الألعاب النارية مروراً بالصواريخ الأكثر تطوراً ثم المنظومات الحديثة.
"كاتيوشا" شاركت في معركة برلين خلال الحرب العالمية 1941 - 1945. |
بالعودة إلى الحرب الروسية- التركية خلال الأعوام
1828-1829، فإنّ جيش دونايسك الروسي، المنتشر في شبه الجزيرة البلقان، والذي كان
يمتلك 24 صاروخاً مع حوالي 10 آلاف نظام صاروخي، كانت تُطلق الصواريخ الممتلئة
بالبارود وحاملة القاذفات الحارقة من منصات خاصة بوابل من 36 وحدة. بمدى يصل إلى 3
كم، تلك هي الأنظمة الصاروخية القديمة.
الكاتيوشا الروسية |
عندما شُيّدت الصواريخ العسكرية كانت تشبه وإلى حدّ
كبير الألعاب النارية، والتي كانت جزءاًمن الاحتفالات الكبيرة في أوروبا وآسيا
وروسيا في القرن السابع عشر. لكن البديل العسكري يختلف بشكل رئيس في أبعاده
الأكبر- اللازمة لحمل العنصر المتفجر الثقيل.
أنتج مختبر زاسيادكو للألعاب النارية في موجيليف
(في بيلاروسيا اليوم) ولاحقاً في سان بطرسبورج صواريخ من عيارات مختلفة والتي
استُخدمت من قبل المدفعية الثقيلة. وهذا بسبب حقن العناصر المتفجرة نفسها في
الصواريخ الحارقة والتي كانت المدفعية تطلقها.
بعد النجاحات الميدانية للحرب ضد تركيا، تكثّف
استخدام الأسلحة الصاروخية. أوحت قدرتها الحارقة العالية، وعلى الفور،
للاختصاصين في الأسلحة الروسية بفكرة تركيب الصواريخ على السفن البحرية. وكانت هذه
فكرة "قسطنطين قسطنطينوف"، مصمم السلاح الماهر ، والذي كان رائداً في
تسليح الأساطول السوفيتى، التي كانت تعمل بقوة الرياح والتجذيف، بالصواريخ في
النصف الأول من القرن التاسع عشر.
وكان قسطنطين قادراً على تحسين مدى رماية الصواريخ
ودقتها عن طريق دوران القذائف في مسارها. وقد تحقق ذلك عن طريق تركيب فتحات جانبية
تبعث جزءاً من القوة القابلة للاحتراق لمزيج المسحوق.
جاءت خطوة أخرى باتجاه إتمام التكنولوجيا وذلك عن
طريق مكونات وقود المسحوق الجديد، والتي تُكسب الصاروخ مزيداً من السرعة
التدريجية، وبالتالي ضمان مسار باليستي مثالي واستقرار في الطيران.
كما ظهرت نسخ معدّلة من صواريخ
"قسطنطينوف" في أربعينيات القرن التاسع عشر كانت قادرة على إصابة هدف
على بعد 4.2 كم- وهو مدى لم يكن ممكناً الحصول عليه من سلاح المدفعية ذات
الماسورات الملساء في ذلك الوقت.
الكاتيوشا الروسية |
وكانت أكبر شركة مصنعة للصواريخ العسكرية في
ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر هي "معهد سان بطرسبورج
الصاروخي"، والذي أنتج في العام 1850 حوالي 49.000 صاروخاً بمواصفات مختلفة.
بعد ثلاث سنوات، بالعام 1953، اندلعت حرب القرم.
وشهد النزاع استخداماً مكثفاً للصواريخ من قبل الجانبين الروسي والبريطاني، خاصة
في القصف الأخير لمدينتي أوديسا وسيفاستوبول. لكن، وكما كتب قسطنطين في مذكراته،
أدى النقص في وسائل قياس المدى وسرعة الطيران إلى تفعيل مبكر للصواعق، مسببة
انفجار الصاروخ في منتصف الطريق إلى الهدف. وكان البناء العام للصواريخ
البريطانية، في رأيه، رديئاً.
في هذه الأثناء، قام الروس بالرد على إطلاق نار من
الحلفاء بأول صاروخ مدفعي صاروخي في العالم، وبشكل أساسي النموذج الرئيس لكاتيوشا
القرن العشرين.
كانت منصات الإطلاق تحتوي على 6 أو 7 أنابيب قذف أو
عربات تجرها خيول والتي تسمح بانتشار سريع لهذه الأسلحة الثقيلة. واستطاع جنود المدفعية
تحت أمرة الملازم ديمتري شبرباتسيوف نيل الشهرة الدائمة في هذا الصراع.
طوال القرن التاسع عشر، امتلكت روسيا واحدة من أكثر
الأنظمة الصاروخية تطوراً في تلك الحقبة. مظهر المدفعية الدقيقة بعيدة المدى مع
القدرات العسكرية الأساسية سببت انخفاضاً في استخدام الأسلحة الصاروخية. لكن، كما
يبدو جلياً في التاريخ، كان كل ذلك مجرد مقدّمة لقصة طويلة من خدمتها.