فلاديمير بوتين
فلاديمير بوتين ذلك الاسم الذي كلما ظهر أصاب السياسيين الأمريكيين بالقلق على نفوذهم العالمي ومصادر طاقتهم وحاولوا جاهدين التغلب على شعور أن روسيا بقيادة بوتين تضع نفسها على خريطة الدول العظمى مرة أخرى. قد لا يعرف الكثير منا من هو بوتين؟ أين وكيف كانت نشأته؟ كيف التحق بالمخابرات الروسية ومتى؟ لماذا لمع اسم بوتين؟
فلاديمير بوتين |
برز اسم فلاديمير بوتين في الآونة الأخيرة بين الأوساط السياسية المصرية بعد ثورة 30 يوليو، حيث أعلن مساندته للجيش المصرى لذا حاز على اهتمام المصريين والعرب على حد سواء لما قام به من دور محوري في الوقوف أمام الخطة الأمريكية لإعادة تقسيم الشرق الأوسط.
من المعروف أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين يتمتع بشخصية قوية ومتميزة، وقد عُرِفَ عن فلاديمير بوتين أن لديه القدرة على أن يكون في مقدمة الأحداث في أى وقت. فبعد أن ابتعد عن كرسي الرئاسة لمدة أربع سنوات. عاد إليه عبر أحداث دراماتيكية عديدة. عاش فلاديمير بوتين حياة وطفولة فقيرة مشردة في حي فقير، فقد وُلِدَ عقب حصار لينينغراد عام 1952 في سنوات عمره الأولى كان يعتقد أن مجرمًا ما سيكون بداخله. أصيب بوتين الأب في الأيام الأولى من الحرب السوفيتية الألمانية بجروح خطيرة، ليصبح والدا الرئيس المستقبلي رجلاً معاقًا وامرأة اقتربت جدًا من الموت بسبب الجوع وفقدان طفلها الأول.
فلاديمير بوتين مع زوجته |
كانت الأسرة تعيش داخل أحد المباني التالفة المكونة من خمسة طوابق ويشاركهم فيه ثلاث عائلات أخرى يتقاسمون جميعًا موقد غاز واحد ومغسلة متمركزة في الممر الضيق. كانت عائلة بوتين تملك أكبر غرفة في الشقة المشتركة ـ حوالي 20 مترًا مربعًا ـ ووفقًا لمعايير ذلك الوقت كان هذا مسكنًا واسعًا تقريبًا. وكانوا يمتلكون جهاز تليفزيون وهاتفًا، وعمل بوتين الأب في مصنع قطار، وماريا الأم عملت في وظائف لا تحتاج لمهارة (حارسة ليلية، امرأة التنظيف، تحميل الأشياء) مما سمح لها بقضاء بعض الوقت مع ابنها في ظل الفقر السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية، ويضيف كاتب المقال أن عائلة بوتين تبدو وكأنها غنية من الناحية العملية نظرًا إلى ظروف الحرب التي دمرت كل شيء.
لم يكن التعليم جزءًا من فكرة فلاديمير بوتين للنجاح، حيث وضع تركيزًا كبيرًا على تصوير نفسه على أنه مجرم، خاصةً بسبب وجوده في حي يعاني من آثار الحرب ووسط أطفال تعساء يعانون فقرًا مدقعًا، ولكن فلاديمير بوتين كان أصغر سنًا من المجرمين الذين صادفهم وضئيل البنية، لذا حرص على البحث عن مكان يتعلم فيه المهارات اللازمة لمجرد الرغبة في القتال فتعلم الملاكمة التي تسببت في كسر أنفه في تدريباته الأولى ثم تعلم بعد ذلك لعبة "سامبوسامبو" وهي اختصار لعبارة روسية تترجم بمعني "الدفاع عن النفس دون أسلحة" أو فن الدفاع السوفيتي عن النفس، وهو عبارة عن خليط من الجودو والكاراتيه والمصارعة والحركات الشعبية. مع الانضباط، أصبحت لعبة السامبو جزءًا من تحول فلاديمير بوتين من البلطجة في المدارس الابتدائية في سن المراهقة إلى شخص دؤوب ويحب العمل والنظام ليلتحق بعد ذلك بـ"الكي جي بي" كواحد من المجندين الجدد الذين سيكون لهم شأن في القتال الالتحامي.
فلاديمير بوتين يمارس الرياضة |
وبناءً على اقتراح من أحد المجندين بـ"الكي جي بي"، ذهب فلاديمير بوتين إلى الجامعة، حيث يبدو أنه قد التزم بنفسه. فقد احتفظ بدرجات عالية وقضى وقته للتدريب مجانًا في الجودو وكان الطالب الوحيد في جامعة لينينغراد الذي يملك سيارة خاصة. في 1970 وفى وقت مبكر كانت السيارة في الاتحاد السوفيتى حالة نادرة، حيث فازت عائلة بوتين بسيارة في اليانصيب من طراز قديم ببابين مع محرك دراجة بخارية وأعطوا السيارة لابنهما، وهنا يقول جيسون كاتب المقال إنه أيًا كانت الأسباب فإن علاقة بوتين من حيث الإسراف والأنانية كانت لافتة للنظر عن السياق الاجتماعى له، مضيفًا أن فلاديمير بوتين وصف نفسه بعد تخرجه من الجامعة بأن الرومانسية في تصوره حمقاء جدًا، فقد كان لديه علاقة واحدة ذات أهمية مع امرأة قبل لقائه بزوجته المستقبلية، وعندما بلغ فلاديمير بوتين 31 عامًا تقريبًا تزوج من لودميلا التي قالت عن علاقتهما أنها كانت حبًا من النظرة الأولى.
في أواخر 1970 عندما انضم فلاديمير بوتين إلى "كي جي بي" قال "إنها مثل جميع المؤسسات السوفيتية والتي ليس لديها هدف واضح من التطبيق حيث أمضى جيش كامل من الرجال وبعض النساء حياتهم في تجميع قصاصات من الصحف، ونصوصًا لمحادثات هاتفية سجلتها الأجهزة الأمنية، وتقاريرًا من الناس وتعلمت توافه الأمور". لكن بوتين دخل الخدمة ليس فقط في فترة ما بعد عهد ستالين، بل أيضًا خلال واحدة من فترات السلام في تاريخ الاتحاد السوفيتي.
وجاءت فرصته في عام 1984، عندما تم إرساله إلى مدرسة للتجسس في موسكو. ليمنع وقوع كارثة غير متوقعة، وعرف فلاديمير بوتين بعد ذلك أنه سوف يتم تعيينه للعمل في ألمانيا، ولكنه أعرب عن خيبة أمله لأنه كان في دريسدن.
عائلة بوتين مثل خمس أسر روسية أخرى، مُنحت شقة في مبنى سكني كبير في عالم ستاسي الصغير: الشرطة السرية للموظفين عاشوا هنا، وعملت في أحد المبانى على مسافة تبعد خمس دقائق بالسير، ويرسلون أبناءهم إلى الحضانة في المبنى نفسه. وكانت وظيفتهم هي جمع المعلومات عن "العدو"، كما كان للغرب، وهذا يعني ألمانيا الغربية، وخاصة الولايات المتحدة التي كان لها قواعدها العسكرية في ألمانيا الغربية.
نزلت رتبة بوتين وزملائه في المقام الأول إلى جمع قصاصات الصحف، وبالتالي المساهمة في كثرة تزايد المعلومات عديمة الفائدة التي تنتجها الـ"كي جي بي" وكانت ابنة بوتين الثانية التي تدعى إيكاترينا قد ولدت وقد بدأ بوتين يشرب البيرة وأصبح سميناً، وتوقف عن التدريب، وكان مكتبئاً جدًا، وزوجته، التي وصفت السنوات الأولى من حياتهما معًا بأنها متناغمة ومبهجة، قالت فقط إن زوجها لم يتكلم معها أبدًا عن العمل. ليس هناك الكثير لأقوله. تحولت وظيفة بوتين مرة واحدة، من العمل على إعداد عملاء سريين في المستقبل لتكون أكثر من مملة وغير مثمرة. التحق بوتين واثنان من زملائه إلى وحدة المخابرات غير القانونية تتعقب الطلاب الأجانب في جامعة دريسدن للتكنولوجيا ويقضون شهورًا لكسب ثقتهم.
فلاديمير بوتين متدربا على الأسلحة |
جاء ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في مارس عام 1985، بعد ذلك بعامين، كان قد أفرج عن جميع المنشقين السوفيت من السجن، وكان بداية لتخفيف الأزمة على دول الكتلة السوفيتية. على مدى السنوات القليلة المقبلة، فإن الهوة بين فتح الحزب والـ"كي ج بي" قد بلغت ذروتها من الانقلاب الفاشل في أغسطس 1991.
وفى يوم أكتوبر 1989 جاء عيد ميلاد فلاديمير بوتين 37 في هذه الأثناء واحتفلت ألمانيا الشرقية بالذكرى السنوية الـ40، وأعمال شغب فى برلين. وبعد شهر انهار جدار برلين، لكن المظاهرات التي جرت في ألمانيا الشرقية استمرت حتى الانتخابات الحرة الأولى في شهر مارس، وبدأت ألمانيا الشرقية في عملية شاقة ومؤلمة من تطهير جهاز أمن الدولة من مجتمعها.
وعادت عائلة فلاديمير بوتين إلى لينينغراد حاملين غسالة عمرها 20 عامًا أعطاها لهم جيرانهم السابقين ومبلغًا من المال بالدولار الأمريكي، ما يكفى لشراء أفضل سيارة سوفيتية الصنع متاحة. وكان هذا كل ما لديهم من مدة الأربع سنوات والنصف سنة التي عاشوها في الخارج.
في السنوات التي تلت ذلك قام بوتين بكل ما في وسعه ليعيش الحياة التي أحبها واستطاع أن يكون رئيسًا للدولة الروسية بعد اثنتي عشرة سنة من عودته من ألمانيا.
وفضلاً عن إلهامه السياسي الذي جاء من الـ"كي جي بي"، فإن أسلوبه الشخصي يعود إلى فنانات شارع سانت بطرسبرغ، حيث إنه التقط منها الذكاء وأنه سجل ازديادًا رئيسياً في شعبيته في عام 1999، عندما تعهد بمطاردة الإرهابيين الشيشان.
وفي أغسطس 1999 أصبح رئيسًا لحكومة روسيا الاتحادية، تولى مهام رئيس روسيا الاتحادية بالوكالة في 31 ديسمبر 1999م وذلك بعد تنحي الرئيس السابق بوريس يلتسن.
تم انتخابه رئيسًا لروسيا الاتحادية في السادس والعشرين من مارس عام 2000، وتولى المنصب في السابع من مايو من نفس العام، وأعيد انتخابه رئيسًا لروسيا مرة أخرى في الرابع عشر من مارس 2004، وشغل منذ 8 مايو 2008 منصب رئيس وزراء روسيا الاتحادية، وفي الانتخابات الأخيرة استطاع بوتين أن يحصل على 94% من أصوات الناخبين.
مجلة أخبار مصر EMN
مجلة أخبار مصر EMN