ماذا تفعل عندما يرتخي طفلك بين يديك، ويحدق في الفراغ بينما لا يذرف أية دمعة؟ ماذا تفعل عندما تظهر الاختبارات الطبية علامات تلف الكبد، ولكن الأطباء لا يمكنهم كشف السبب أو تحديد كيفية العلاج؟
حالياً، بفضل مشروع الجينوم البشري، والذي اكتمل في العام
2003، فإن تحديد الطفرات الجينية الجديدة أصبح أسهل وأرخص كلفة. ولكن،
غالباً ما يكافح علماء الوراثة من أجل العثور على المرضى الذين يعانون من
هذا الشذوذ النادر في الحمض النووي، إذ أن دراسة عدد من المرضى الذين لديهم
الطفرات الجينية ذاتها، والأعراض المشابهة يعتبر أمراً حاسماً لتحديد
اضطرابات وراثية جديدة.
ومن أجل ذلك، تعتبر الدراسة التي نشرت مؤخرا في مجلة الطب حول
الجينيات الوراثية في غاية الأهمية. بعدما نجحت في تحديد شذوذ جديد يتمثل
في نقص أنزيم "أن جي أل واي 1" باعتباره اضطرابا موروثا في الجينيات
البشرية، نتجية الطفرة في "أن جي أل واي 1".
وقد أكد الباحثون أنهم تمكنوا من العثور على ثمانية مرضى
يعانون من هذه الطفرة الجينية، ويتقاسمون العديد من الأعراض المتشابهة، بما
في ذلك التأخر في النمو والإنتاج غير الطبيعي للدموع وأمراض الكبد.
وفي هذا السياق، بدت الطفلة غريس ويلسي لحظة ولادتها كأنها في
سبات عميق. وبدت عيناها كأنهما تحدقان إلى الفراغ، خصوصاً أنها رفضت
الطعام. أما الأطباء في المستشفى فأجروا اختبارات عدة، ولكنهم لم يتمكنوا
من الوصول إلى تشخيص.
ومع تقدم غريس في العمر، استمرت الأعراض المثيرة للقلق بالظهور عليها. وكان تطورها المعرفي والحركي أقل من أطفال في نفس عمرها. وكان لديها حالة استرخاء تجعلها تبدو كدمية لا تسيطر على أطرافها. وكشفت الاختبارات أن لديها مستويات عالية من إنزيمات الكبد AST و ALT ، مما يشكل علامة على تضرر الكبد، ولكن لم يتمكن أحد من معرفة السبب.
وعندما بلغت غريس العامين من عمرها، بدأت عائلة ويلسيز بالقيام باختبارات تسلسل الجينوم البشري في جامعة "ستانفورد" بالقرب من منزلها في خليج سان فرانسيسكو، وفي كلية "بايلور" للطب في ولاية تكساس الأمريكية.
والتقت العائلة للمرة الأولى في مركز تسلسل الجينوم البشري في
"بايلور" بماثيو بينبريدج، والذي كان يعمل على الدكتوراه في علم الأحياء
الهيكلي والحسابية والفيزياء الحيوية الجزيئية.
وقال بينبريدج إن الأمر الأول الذي ينظر إليه علماء الوراثة لمعرفة أسباب الأعراض الغامضة، هو ما يعرف بطفرات الحمض النووي.
ورصد بينبريدج الطفرات غير العادية في جينات غريس وهي الطفرة في جين "أن جي أل واي 1"، والذي كان من النوع المدمر.
وأوضحت ورقة نشرت في مجلة علم الوراثة الطبية، أن صبيا صغيرا لديه طفرة جينية (اضطراب وراثي) يمكن ارتباطه بطفرة "أن جي أل واي 1." وبعدما بحث بينبريدج بشكل أعمق، وجد أن رجل يدعى ماثيو مايت، هو أستاذ مساعد في جامعة ولاية يوتا، هو والد الطفل. وكتب على مدونته في 29 مايو/آيار "ابني برتران لديه اضطراب وراثي جديد، المريض رقم 0."
واكتشف العلماء في جامعة "ديوك" أن بيرتراند لديه اثنين من الطفرات المختلفة، في جين "أن جي أل واي 1"، ما أدى إلى تشفير الأنزيم المعروف بـ"أن غلايكاناز وان" الذي يوجد في خلايا الشخص السليم. ويساعد في تحطيم البروتينات المعيبة لكي يتم إعادة استخدامهم في جميع أنحاء الجسم
وبعدما قرأ بينبريدج المشاركات السابقة حول أعراض برتراند، فقد كانت مشابهة لما وصفه أهل غريس، خصوصاً أن بيرتراند يعاني من عدم القدرة على البكاء، تماماً مثل حالة غريس.
ويجري حاليا دراسة خمسة أساليب علاجية. أما قائمة المرضى الذين يعانون من نقص "أن جي أل واي 1" فتتضمن 14 مريضاً.