لويس برايل |
ولد "لويس برايل" عام 1809. وكان فتي متوقد الذكاء ذا عينين رائعتي الجمال يحسده عليهما كل من يراه، واعتاد أن يذهب مع والده إلى عمله، وكان والده يعمل في صناعة سرج ولجام الخيل، وفي يوم مشئوم وهو يلعب في ورشة والده أصيب بجرح في عينيه، وبسرعة تسبب الجرح في التهاب العصب البصري، وفقد بصره في العين اليسرى، ولما بلغ 3 سنوات أصيبت عينه الأخرى بالالتهاب وفقد بصره تمامًا. وكان لهذا الحادث الأليم أثر بالغ في نفسه فطالما سأل نفسه لماذا حدث ما حدث له هو بالذات.
ومع زيادة إحساس "لويس برايل" بالحزن والوحدة، قرر والده أن يرسله ليأخذ دروسًا في عزف البيانو، فكان العزف والموسيقى عالمًا مبهرًا بالنسبة له وأصبح مولعًا به وماهرًا فيه. وفي سن 8 سنوات، ذاع صيت "لويس برايل" في المعهد القومي للمكفوفين في باريس، ونبغ في الموسيقى والرياضيات والعلوم والجغرافيا. وكانت طريقة التدريس في المعهد هي لمس حروف كبيرة من المعدن كانت تقطع وتلصق على الورق، وكان الأطفال يتعلمون بلمس الحروف المعدنية بالأصابع فيتعرفون على أشكالها.
وكان رأي "لويس برايل" أن هذه الطريقة غير عملية؛ لأن طول الحرف كان يبلغ حوالي 5 سنتيمتر بالإضافة إلى أنها كانت ثقيلة جدًا، ودفعه هذا إلى أن يقضي أوقاتًا طويلة يفكر أنه لابد أن تكون هناك طريقة أفضل من هذه. وعندما بلغ 20 عامًا، تم تعيينه مدرسًا في المعهد، وفي عام 1829 نجح في تكوين حروف الكتابة باستخدام 6 نقاط فقط وبدأ في تجربتها واستخدامها في المعهد. وفي عام 1839 نشر طريقته ليفيد العالم بها، لكنه واجه مقاومة كبيرة من الجميع بما فيها المعهد الذي يعمل فيه.
طريقة برايل |
قرر "لويس برايل" أن يؤلف كتابًا بطريقته وكان يضم ترجمة قصائد للشاعر الإنجليزي جون ميلتون (وكان شاعرًا كفيفًا أيضًا)، وفي كتابته لكتابه اضطر لاستعمال إبرة شبيهة جدًا بالإبرة التي كان يعبث بها في صغره وتسببت في إصابته بالعمى!
ورغم أن طريقته كانت بسيطة وعملية، إلا أنها لم تلقَ قبولاً، ولكنه استمر في استخدامها في تعليم الطلبة في المعهد، وقدم مشروعه عدة مرات إلى الأكاديمية الفرنسية وكان المشروع يُقَابل بالرفض دائمًا.
وفي أحد الأيام، كانت إحدى تلميذاته تعزف على البيانو في أحد أكبر مسارح باريس، ولما انتهت من العزف صفق لها الحاضرون بحرارة، فاقتربت من الجمهور وأخبرتهم أن مهارتها تُعزى إلى "لويس برايل" مُدرسها المبدع الذي يرقد على فراش المرض وحيدًا منزويًا بسبب الرفض الدائم لاختراعه، وهكذا بدأت الجرائد والمجلات حملة قومية لدعم "لويس برايل" واختراعه، وكانت هذه الحملات الكبيرة والدعاية المكثفة سببًا في اعتراف الحكومة الفرنسية بالاختراع. وعن هذه اللحظة قال "لويس برايل": "لقد بكيت 3 مرات في حياتي، الأولى عندما فقدت بصري، والثانية عندما توصلت إلى هذه الطريقة، وهذه هي المرة الثالثة، فهذا معناه أن حياتي لم تَضِع هباءً."
وفي عام 1852، توفى برايل بمرض السرطان ولم يتجاوز عمرع 42 عامًا، بعدما قدم خدمة جليلة للبشرية بإصراره على تحقيق هدفه برغم عدد المرات التي قوبل فيها اختراعه بالرفض.